معلومات عامة :
الملح معدن شفاف هش استخدم منذ العصور القديمة لإعطاء الطعام مذاقه ولحفظه، واليوم يستخدم الملح أيضا في صناعة عدد كبير من المواد الكيميائية والمنتجات الغذائية، يتركب الملح من عنصري الصوديوم والكلور ويعرف علمياً بكلوريد الصوديوم وصيغته الكيميائية Nacl واسمه المعدني الهاليت. يكون الملح عادة بلورات صافية في شكل مكعبات كاملة التكوين تقريباً. الشوائب في الملح تعطيه اللون الذي قد يكون أبيض أو رمادياً أو أصفر أو أحمر، ويبدو ملح الطعام أبيض اللون ولكنه في الحقيقة يتكون من مكعبات صغيرة شفافة.
تاريخ الملح:
برز الملح منذ الاستقرار البشري بوصفه مادة أساسية يحتاج إليها للطعام، والتخزين، والصناعات الغذائية، والتحنيط، والأساطير والتراث، وأساسا للثورات الاستقلالية كما في الهند والولايات المتحدة وفرنسا، وقامت عليه مدن وحركة اقتصادية وتجارية عالمية. حيث اعتبر الملح سلعة ثمينة منذ العصور القديمة، وكان يستبدل به الذهب أوقية مقابل أوقية، وكان الصينيون القدامى يستخدمون عملات مصنوعة من الملح في التداول، وفي مناطق كثيرة أيضاً حول البحر الأبيض المتوسط، والملح كمادة ثمينة خضع طويلاً للاحتكار ولضرائب باهظة فرضت عليه حيث كان الملح حتى القرن التاسع عشر هو المادة الأعز التي بذل الإنسان جهودا مريرة للحصول عليها على مر العصور، ففي فرنسا مثلاً كانت عليه ضريبة باهظة واحتكار شديد لحساب الملوك الذين كانوا يحاربون مهربيه من مكان لآخر، ولم يلغ الاحتكار إلا بعد ثورات واضطرابات دامية، كان آخرها الثورة الفرنسية الكبرى التي قضت على الملك لويس السادس عشر، ولكن الضريبة على الملح عادت إلى الوجود وظلت سارية حتى سنة 1946م.
أهمية الملح :
الملح مادة لا يمكن الاستغناء عنها أبداً في الحياة، فجسم الإنسان البالغ يحوي في المتوسط 100 غرام من الملح، يفقد منها يومياً عن طريق البول والعرق من 20 - 30 غراماً فيحتاج إلى تعويض ما يفقده من الملح من الغذاء.
يلعب الملح دوراً أساسياً في موازنة كمية الماء بالجسم و الخلايا التي تتكون منها أعضاء الجسم ، وهو مهم لعملية التمثيل الغذائي في الخلية ليس لدى الإنسان فقط و إنما لجميع الكائنات الحية. حيث يتم إضافة الملح لأعلاف الحيوانات لتأمين احتياجاتها منه.
يحتاج جسم الإنسان إلى ما يقارب من 3-6غرام من ملح الطعام يومياً لضمان توازن المحاليل الملحية اللازمة لأداء الوظائف الحيوية كتنظيم ضربات القلب، نقل النبضات العصبية، تنشيط إفراز الانزيمات ...، ومصادر احتياج جسم الإنسان تكون عبر استهلاك ملح الطعام بشكل مباشر بالإضافة إلى المحتوى الملحي المتوفر في كثير من المواد الغذائية التي يتناولها. لذا فإن تناول الملح و بكميات معتدلة ضروري جداً للبقاء على قيد الحياة، حيث أن نقص الملح من الجسم يؤدي إلى اضطرابات عديدة خطيرة لا تزول إلا بتعويض المفقود من الملح.
وللملح بعض الفوائد في صنع الطعام، فهو يثبت طعم المأكولات ويعوض الأملاح التي تبخرت أثناء الطهي .
ومن مميزات ملح الطعام أيضاً إمكانية استخدامه كأحد وسائل العلاج الجماعي حيث يستخدم لتعويض نقص عنصر اليود وما قد يصاحبه من مضاعفات قد تؤدي إلى تضخم وتأثر الغدة الدرقية إضافة إلى تأثيره على النمو الطبيعي للأطفال وعلى مستوى ذكائهم .
وبالرغم من أهمية الملح لحياة الإنسان إلا أن الكميات المستهلكة من ملح الطعام لا تتجاوز 15% من الملح الذي يتم إنتاجه عالمياً ، حيث تستخدم باقي كميات الملح في الصناعات الكيميائية التي تستهلك أكبر كمية من الملح ويستخدم بصفة رئيسية لإنتاج مواد كيميائية أخرى فجزيء الملح يمكن أن يتفكك ويستخدم لصنع مجموعة من منتجات الصوديوم والكلور. وتستخدم كمية كبيرة من الملح لصنع أحد مركبات الصوديوم يسمى الصودا أو كربونات الصوديوم التجارية الذي يستخدم بصفة أولية في صناعة الزجاج والصابون وتشتق مركبات الكلور من الملح أيضاً حيث تستخدم هذه المركبات في صناعة الورق والبلاستيك ومضادات الآفات وسوائل التنظيف ومضادات التجميد والسوائل الأخرى التي تستخدم في التنقية. ومن المعروف أن الملح حينما يخلط مع الثلج تنخفض درجة تجمد الثلج ولذلك ينثر الملح على الطرقات التي بها كميات كبيرة من الجليد فينصهر الجليد والثلج. وفي بعض البلدان التي تكثر فيها الثلوج تستخدم كمية كبيرة من الملح لهذا الغرض. كما يستخدم الملح في صقل السيراميك وإطعام المواشي والأدوية وتكرير النفط والتبريد ومعالجة مياه الصرف الصحي وصباغة النسيج ودباغة الجلود وإزالة عسر الماء إضافة لاستخداماته في جميع أنواع الصناعات الغذائية (الأجبان والألبان – الخبز والمعجنات – المخللات والزيتون – المحامص – الأغذية المحفوظة بكافة أنواعها .... ).
طرق استخراج الملح:
مصدر كل الملح بما في ذلك الترسبات الملحية الموجودة تحت سطح الأرض هو (الأجاج) أي المياه المالحة من البحار والبرك والأجسام المائية الأخرى، والواقع أن ترسبات الملح الموجودة الآن قد تكونت تحت الأرض بتبخر مياه البحر منذ ملايين السنين.
وفي رأي البيولوجيين أن ماء البحر الذي ظهرت فيه أول مظاهر الحياة البدائية كان مالحاً جداً، وفي الليتر الواحد منه حوالي 30 غراماً من الملح، ولو أن ملح البحار نثر على سطح الكرة الأرضية كلها لأوجد عليها طبقة سمكها 35 متراً من الملح، ويقدر العلماء الملح المذاب في البحار بثمانية وثلاثين مليار طن، وإلى جانب ملح البحر الذي يعرف بالملح البحري توجد على سطح الأرض طبقات كثيرة من الملح الصخري أو ملح المناجم قد تعادل ملح البحر. ويتم استخراج الملح بإحدى الطرق التالية:
1. الملح البحري : ماء البحر مالح لأن مياه الأمطار تذيب المعادن التي تحتوي على الصوديوم والكلور في الصخور والتربة ثم تحمل الأنهار هذه المعادن إلى البحر. وتبخير مياه البحر هي أقدم طريقة للحصول على الملح إلا أن هذه الطريقة بالعموم تستخدم على نطاق ضيق بسبب عدم وجود جدوى كبيرة منها. حيث تتكون مياه البحر من حوالي 3,5% ملحًا. و يحطم البحر الميت أرقاما قياسية عالمية فهو أكبر مجمع مائي أكثر ملوحة بالعالم إضافة لغناه بالمعادن. حيث أن ملوحة البحر الميت أعلى بـ 10 أضعاف من الموجودة في البحار الكبيرة والمحيطات (تركيز الأملاح في البحر الميت 34% وفي البحر المتوسط 3.5%.)، مما يجعله البحر الوحيد في العالم بخاصية استخراج الملح بكميات كبيرة حتى أن التكتلات الملحية تترسب على شواطئه بشكل مباشر
2. ملح السبخات : وتعتبر هذه الطريقة الأكثر تداولاً في العالم حيث يتم استخراج الملح من بحيرات مائية متشكلة في المناطق المنخفضة سواء من مياه البحر المرتشحة أو من مياه الأمطار والسيول التي تتجمع حاملة معها العديد من المواد والأملاح الذائبة أثناء مرور المياه على أنواع عديدة من أشكال التربة ، حيث تشكل بحيرات مائية مالحة و يتم تجميع القشرة الملحية المتشكلة بعد تجفيف البحيرات بفعل أشعة الشمس ، حيث تتأثر هذه العملية بدرجة حرارة الجو وشدة الرياح لكونها العوامل المساعدة على تبخر الماء وتكوين طبقة الملح.
3. الملح الصخري : وهو ما يعرف بالملح الاندراني والذي يوجد في طبقات صلبة كثيفة تحت الأرض. وقد تكونت الترسّبات عن طريق التبخير لأجزاء كبيرة من المحيطات منذ ملايين السنين. وهي توجد مرافقة لترسبات معادن مثل كربونات الكالسيوم وكربونات البوتاسيوم الموجودة أيضا في ماء البحر . وتوجد بعض ترسبات الملح في تكوينات تسمى القباب الملحية. فالملح أخف من معظم المعادن الأخرى، ويطفو إذا تعرض لضغط عال. وتتكون قباب الملح حينما تنساب طبقات الملح الصخري إلى أعلى وتخترق الصخور فوقها. و يتم استخراج كتل الملح الصخرية عن طريق المناجم.
طرق صناعة الملح:
الملح بعد استخراجه لا يعد صالحاً للاستخدام بشكل مباشر لاحتوائه على العدد من الشوائب و هنا أهمية عمليات صناعة الملح، حيث يتفق المؤرخون على أن أقدم مصنع للملح ظهر في الصين، حيث يعود أقدم سجل مكتوب عن إنتاج الملح إلى نحو 800 سنة قبل الميلاد، ويشير إلى أن إنتاجه بدأ قبل ذلك التاريخ بألف عام.وشهدت صناعة الملح نفسها ثورات صناعية وتقنية طورت من عمليات تصنيعه وإنتاجه، ومع اكتشاف النفط والآلات البخارية تحولت صناعة الملح وتكريره إلى التقنيات الجديدة، ودخلت مراجل التبخير الميدان.
تتطلب عملية الحصول على ملح طعام صحي وآمن ومطابق للمواصفات اتباع اشتراطات وتقنيات فنية عالية ومتخصصة لاستخلاص الملح منفرداً مستبعداً منه أي مركبات أو مكونات غير مرغوبة وكذلك أي ملوثات ضارة بالصحة العامة والمنتجات الصناعية.
يتم تصنيع الملح بطريقتين وهما:
1. الملح المكرر: وهي الطريقة التقليدية المعروفة قديماً حيث يخضع الملح الخام لمراحل غسيل لتنقيته من الشوائب الضارة التي تتواجد عادة بالملح الخام مثل: ( نحاس – رصاص – زرنيخ ) للوصول إلى نسبة شوائب غير منحلة بين 0.5 -0.7 % ومن ثم يتم تجفيفه لتخفيف الرطوبة ، يتم بعدها طحن المنتج و فرزه و تعبئته وتكون عادة نسبة النقاوة لا تتجاوز 98% و بالتالي فإن لونه نادرا ما يكون ناصع البياض لبقاء احتوائه على بعض الشوائب.
2. الملح المبلور: وهي الطريقة الأكثر صحية التي توصل إليها العلم حتى الآن. حيث يتم إذابة الملح الخام بالكامل ومعالجته للتخلص من الشوائب للوصول إلى نسبة شوائب لا تزيد عن 0.2% ومن ثم يتم الحصول على الملح البلوري بحبيبات متجانسة من خلال التبخير ، ويمتاز بالانسيابية و لونه الأبيض الناصع من خلال نسبة النقاوة التي قد تصل إلى 99.9% من كلور الصوديوم